تعليمُ الطفلِ الأخلاقَ والقيم

فكرة ومفهوم 💬

الأخلاقُ هي السلوكياتُ الحسنةُ التي نتبعُها في التعاملِ مع الناسِ، سواءً كانتْ أقولاً أو أفعالاً، والأخلاقُ نوعينِ: أخلاقٌ حميدةٌ كالصدقِ والأمانةِ والتعاونِ، وأخلاقٌ ذميمةٌ، كالكذبِ والأنانيةِ والسرقةِ، وكلما كان الإنسانُ خلوقاً ارتفعَ مقامه عند اللهِ وعند الناسِ.

إضاءات تربوية 💡

▪️ ربى اللهُ نبيَّه محمداً صلى الله ُعليه وسلمَ وامتدحَ خلقَه الكريمَ فقالَ (وإنك لعلى خلقٍ عظيمٍ).

▪️ التربيةُ على الأخلاقِ تمثلُ النصفَ الثاني من الدينِ، فالإيمانُ تعاملٌ مع اللهِ من حيثُ الأساسِ، والأخلاقُ تعاملٌ مع الناسِ، وهي جزءٌ من التعاملِ مع اللهِ.

▪️ ليستْ كلُّ الأخلاقِ مرتبطةً بالناسِ والحياةِ الاجتماعيةِ، فهناك أخلاقٌ متعلقةٌ بالذاتِ كالنظافةِ وطيبِ النفسِ وسعةِ الصدرِ وغيرِها.

▪️هناك انفصامٌ بين التربيةِ على التدينِ والتربيةِ على الأخلاقِ، والصحيحُ أن الإسلامَ يربي على الأخلاقِ كما يربي على الإيمانِ وشعائرِ العباداتِ.

▪️لا يمكنُنا تخيلُ طفلٍ ذي شخصيةٍ ما لم تكن لديه منظومةُ أخلاقٍ وقيمٍ تربى عليها منذُ صغرِه، فهي تشكلُ الجزءَ الأكبرَ من ذاتِه وصفاتِه.

أدوار تربوية 👤

🔘 يختلفُ مفهومُ الأخلاقِ لدى الأطفالِ، وذلك بحسبِ ما يشاهدونه في أسرِهم، فالأسرةُ هي المسؤولةُ عن تشكيلِ نظامِ الأخلاقِ في ذهنِ الطفلٍ.

🔘 أقوى غرسٍ للأخلاقٍ يمكنُ أن تغرسَه في طفلِك أن تتعاملَ معه بالأخلاقِ التي تريدُ منه أن يمارسَها، والتعاملُ هنا أعظمُ أثراً منَ القدوةِ.

🔘 بصفتكَ أباً، عاملْ أمَّ أبنائِك بالأخلاقِ الحسنةِ، وبصفتكِ أماً عاملي والدَ أبنائِك بأخلاقٍ حسنةٍ، هذا من شأنه أن ينشئَ أطفالاً بأخلاقٍ عاليةٍ.

🔘 في مسألةِ الأخلاقِ، تُعتبَرُ القدوة أمراً جوهريًّا، فالطفلُ ينقلُ سلوكَه وتعاملَه من والديه، ومنهما يتعلمُ أصولَ الأخلاقِ وآدابَ التعاملِ.

🔘 اربطْ مسألةَ الأخلاقِ في ذهنِ الطفلِ باللهِ وبالإسلامِ وليس بالناسِ، فنحن نتمثلُ الأخلاقَ في حياتِنا لأنها تُرضي اللهَ عنا وأمرَ بها الإسلامُ.

🔘 علقْ موضوعَ الأخلاقِ لدى طفلِك بذاتِه وشخصيتِه، فأنا أتعاملُ بالأخلاقِ الحسنةِ لأنني أقدرُ ذاتيَ وأحترمُ نفسيَ حتى وإن أساءَ الآخرون إليه.

🔘 اربطْ منظومةَ الأخلاقِ لدى ابنِك بأخلاقِ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلمَ، فنحنُ نمارسُ الأخلاقَ اقتداءً به عليه الصلاةُ والسلامُ.

🔘 قدرْ طفلَك، وعامله بشخصيتِه المستقلةِ، وعامله كما لو كان كبيراً، فإنَّ ذلك يجعلُه يشعرُ أنه جديرٌ بالأخلاقِ، فيتمثلُها في حياتِه

🔘 لا تمارسِ الانفصامَ الأخلاقيَّ، فتعاملُ الناسَ بأخلاقٍ حسنةٍ، ولكنّ أسرتَك وأبناءَك لا يرون هذه الأخلاقَ معهم، فيمارسون دورَ الانفصامِ أيضاً

افعل ولا تفعل ☑️

✅ حثَّ أبناءَك على التزامِ الأخلاقِ الحسنةِ في كلِّ الأحوالِ، فنتعاملُ بحسنِ الخلقِ في كلِّ وقتٍ ومع الجميعِ (والاستثناءاتُ نادرةٌ)

❎ لا تغيرْ من أخلاقِك وتعاملِك عند الغضبِ أو تَعَكُّرِ المزاجِ، فالأطفالُ يفسرون الغضبَ وتعكرِ المزاجِ بأنهما مبرران لسوءِ الخلقِ.

✅ احكِ لأطفالِك مختلفَ القصصِ التي تعززُ الأخلاقَ، وأغلبُ القصصِ التي تجدُها كلُّها تعززُ الخصالَ الحميدةَ والأخلاقَ الحسنةِ.

❎ لا تحكِ لأطفالِك عنِ المواقفِ السلبيةِ التي تواجهها من الناسِ، لأن ذلك يعززُ الاتجاه السلبيَّ لدى المجتمعِ ويقللُ من اهتمامِ طفلِك بممارسةِ الأخلاقِ معهم.

إرشادات الفئات العمرية 📉

🔻 الطفولةُ المبكرةُ (3 – 6): دراسةٌ تربويةٌ تشيرُ إلى أنّ الطفلَ يتعلمُ أغلبَ الأخلاقِ والقيمِ في السبعِ السنواتِ الأولى، ومنها تأتي أهميةُ تعليمِ الطفلِ الأخلاقَ الأساسيةَ في سنِّ ما قبلَ المدرسةِ حتى يضبطَ سلوكَه في المدرسةِ بنظامِ قيمٍ تعلمَه في منزلِه، والطفلُ حينَ يأتي إلى المدرسةِ وليس في ذهنِه منظومةُ أخلاقٍ راسخةٍ فإنَّ أخلاقَه تضطربُ بسببِ اختلاطِه مع زملائِه في المدرسةِ.

🔸 الطفولةُ المتوسطةُ (7 – 9): في مرحلةِ الطفولةِ المتوسطةِ يدخلُ الطفلُ المدرسةَ، وبالتالي يتعلمُ الكثيرَ من السلوكياتِ غيرِ اللائقةِ (ألفاظاً وأفعالاً)، ويلاحظُ الأبوان هذه التغيراتِ السلوكيةِ، وهذه فرصةٌ جديدةٌ لتعليمِ الطفلِ الأخلاقَ الحسنةَ بعدَ أن شاهدَ ومارسَ بعضَ الأخلاقِ السلبيةِ، هنا هو يتعلمُ الجانبَ الآخرَ من الأخلاقِ.

🔺 الطفولةُ المتأخرةُ (10 – 12): يتوسعُ مفهومُ الأخلاقِ لدى الطفلِ في مرحلةِ الطفولةِ المتأخرةِ، وبالتالي يستغلُ الأبوان توسعَ الفهمِ لدى الطفلِ ويضيفون إلى منظومةِ الطفلِ الأخلاقَ التي لم يكن بمقدورِه استيعابُها في المراحلِ السابقةِ، خاصةً الأخلاقَ العليا والتي هي عبارةٌ عن قيمٍ مجردةٍ.

مصادر إضافية 📚

🏷 موسوعةُ نضرةِ النعيمِ في أخلاقِ الرسولِ الكريمِ

🏷 موسوعةُ الأخلاقِ الإسلاميةِ – إصدارُ الدررِ السنيةِ

🏷 كتابُ تربيةِ الأولادِ في الإسلامِ لـ عبدِاللهِ ناصحَ علوانٍ

🏷 خدمةُ معينٍ التربويةُ لـ د. جاسمِ المطوعِ (خدمةٌ مدفوعةٌ)

الأهداف السلوكية 🎯

بعدَ هذا الدَّرسِ يتوجَّبُ على طفلكَ أنْ:
▫️يذكرَ ما لا يقلُّ عن ثلاثةِ أخلاقٍ حسنةٍ في بيئتِه (معرفيٌّ)
▫️يذكرَ ما لا يقلُّ عن ثلاثةِ أخلاقٍ سيئةٍ في بيئتِه (معرفيٌّ)
▫️ يهاجمَ السلوكياتِ السيئةَ التي يراها في محيطِه (وجدانيٌّ)
▫️ يمارسَ أبرزَ السلوكياتِ الحسنةِ داخلَ أسرتِه (مهاريٌّ)

خلفية عن الموضوع 🔻

🚦 عرّف ابنُ مسكويهَ الأخلاقَ بأنها: (حالُ للنفسِ داعيةٌ إلى أفعالِها من غيرِ فكرٍ ورويةٍ)، فصاحبُ الخلقِ الصحيحِ يمارسه بشكلٍ تلقائيٍّ

🚦 الأخلاقُ من حيثُ نوعيها: أخلاقٌ حميدةٌ كالصدقِ والأمانةِ والكرمِ والقولِ الحسنِ، وأخلاقٌ ذميمةِ كالكذبِ والبخلِ والكلامِ البذيءِ والسرقةِ

🚦 الأخلاقُ من حيثُ تعديها: أخلاقٌ ذاتيةٌ، وهي التي بين الفردِ ونفسِه، وأخلاقٌ اجتماعيةٌ، وهي التي تتعدى إلى الآخرينَ

تربويات إسلامية 🕌

🟩 قال اللهُ مادحاً نبيه محمداً صلى اللهُ عليه وسلمَ (وإنك لعلى خلقٍ عظيمٍ)، فخلقَ اللهُ أخلاقَ النبيِّ وعظمَها لعبادِه.

🟩 عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ: (إِنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صالحَ الأخلاقِ) صحيحُ الجامعِ

🟩 عندما سُئِلَتْ أمُّ المؤمنينَ عائشةَ رضي اللهُ عنها عن خلقِ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلمَ قالتْ: (كان خلُقه القرآنَ)

🟩 روى الإمامُ أحمدُ وأصحابُ السننِ أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلمَ قالَ: (إنّ المؤمنَ ليدركُ بحسنِ خلقِه درجةَ الصائمِ القائمِ)

🟩 قالَ صلى اللهُ عليه وسلمَ: إنّ من أحبكُم إلي وأقربكُم مني مجلساً يومَ القيامةِ أحاسنُكم أخلاقاً. (رواه الترمذيُّ)

تطبيقات تربوية ♨️

♦️ التطبيقُ التربويُّ الدائمُ للأخلاقِ: أن تعاملَ طفلَك بخلقٍ حسنٍ، ويراك تعاملُ الآخرينَ بخلقٍ حسنٍ، ويرى تعاملَ والديه فيما بينهم بخلقٍ حسنٍ، هذا التطبيقُ العمليُّ للأخلاقٍ يضربُ بجذورِه في ذهنِ الطفلِ حتى يكبرَ.

♦️ ارسمْ لوحةً لطفلِك وعلقها في المنزلِ، وإذا كان لديك أكثرُ من طفلٍ فاجعلِ اللوحةَ على شكلِ جدولٍ مخصصٍّ لكلِّ يومٍ، وعند قيامِ طفلِك بممارسةِ سلوكٍ إيجابيٍّ ضعْ له نقطةً إلى جوارِ اسمِه في نفسِ اليومِ، وإذا مارسَ سلوكاً سلبيًّا ارسمْ علامةَ (إكس) عند اسمِه، وفي نهايةِ الأسبوعِ قم بحذفِ السلوكياتِ الإيجابيةِ مقابلَ السلبيةِ وكافئه على السلوكِ الإيجابيِّ، أو عاقبه عن السلوكِ السلبيِّ بحرمانِه من الامتيازاتِ.

التأكيدات الإيجابية 🗣

➕ وإنكَ لعلى خلقٍ عظيمٍ
➕ إنما بُعِثتُ لأتممَ مكارمَ الأخلاقِ
➕ في سعةِ الأخلاقِ كنوزُ الأرزاقِ
➕ قيمتي في قيمي

مشكلات تربوية ✖️

🔍 أكبرُ مشكلةٍ يمكنُ أن يواجهَها الطفلُ في مسألةِ الأخلاقِ أنه يتعلمُ شيئاً مثالياً في المنزلِ، ويشاهدُ ما يخالفُه تماماً في الواقعِ، فيقعُ تحت وطأةِ الضغطِ المثاليِّ للتربيةِ التي تلقّاها، وبينَ ضغطِ الواقعِ الذي لا يرحمُ، ويستسلمُ للواقعِ.

👈🏼 الحلُّ: اشرحْ للطفلِ أنّ الناسَ ليسوا كلهم مهتمون بتطبيقِ الأخلاقِ وممارستِها، ونحن نمارسُ الأخلاقَ لأننا نحترمُ أنفسَنا، ولأنها أولاً عبادةٌ للهِ تعالى حتى وإن لم نرَ الآخرين يمارسونها.

🔍 يضطربُ نظامُ الأخلاقِ عند الطفلِ حينما يجدُ من حولَه يمارسون نوعين من السلوكِ، سلوكٌ في المنزلِ، وسلوكٌ خارجَه، وكلا السلوكين مختلفان عن بعضٍ، فيتبادرُ إلى ذهنِه أنّ هذا الانفصامَ مقبولٌ.

👈🏼 الحلُّ: الأصلُ ألا يختلفَ سلوكُ الفردِ داخلَ الأسرةِ وخارجَها، خاصةً الأبوين، ويجبُ إزالةُ الانفصامِ بين سلوكِ المنزلِ والسلوكِ الذي يُمارَسُ خارجَه.

🔍 ممارسةُ الأخلاقِ تحتاجُ إلى عزيمةٍ يعجزُ عن حملِها الكبارُ أحياناً، لذا يجبُ تشجيعُ الطفلِ وتذكيرُه بالأخلاقِ وممارستِها بشكلٍ مستمرٍّ، واستغلالُ المواقفِ الاجتماعيةِ لغرسِ القيمِ والأخلاقِ في كلِّ مناسبةٍ.

دور المعلم 👨🏻‍🏫

📍 قمْ بإدخالِ موضوعِ الأخلاقِ في كلِّ درسٍ من دروسِك، فموضوعٌ مثلَ الأخلاقِ يمكنُ حرفياً إدخالُه في كلِّ درسٍ، وفي أيِّ مادةٍ، ويستطيعُ المعلمُ إيجادَ المكانِ المناسبِ للحديثِ عن الأخلاقِ في كلِّ درسٍ بطريقةٍ ذكيةٍ.

📍 عند تحضيرِ الدرسِ، قمْ بتحديدِ قيمةٍ تربويةٍ متعلقةٍ بالدرسِ، وأدرجْها ضمنَ الأهدافِ السلوكيةِ للدرسِ، وجدْ لها نشاطاً مرتبطاً تمارسُه في الدرسِ ولو بشكلٍ محدودٍ جداً، واجعلْ هذا دأبَك في كلِّ درسٍ عند تحضيرِه.

📍 حدثْ طلابَك أن الأخلاقَ عبادةٌ، وحقٌّ للنفسِ أولاً، وحقٌّ للناسِ أيضاً، وخصصْ درجاتٍ للسلوكِ الجيدِ، وأشدْ بكلِّ سلوكٍ حسنٍ تراه من أيِّ طالبٍ، فهذا من شأنِه أن يزيدٌ من اهتمامِ الطلابِ بممارسةِ الأخلاقِ.

📍 حللْ بيئتَك المدرسيةَ، واخترِ الأخلاقَ التي يحتاجُ الطلابُ أن يتمَّ غرسُها فيهم، فهناك أخلاقٌ تُعتبَرُ المدرسةُ أفضلَ بيئةٍ لغرسِها في الطلابِ مثلَ التسامحِ، التفاسحِ، التعاونِ، التشاركِ، حسنَ الظنِّ بالآخرينَ، احترامِ المعلمِ، الصداقةِ الحقيقيةِ، تركِ الغيبةِ والنميمةِ ومعابةِ الآخرينَ، عدمِ الاستهزاءِ بالناسِ.

مهمة الطفل 🗓

📌 اطلبْ من طفلِك أن يقومَ بعملِ حصرٍ شاملٍ لكلِّ الأخلاقِ السلبيةِ التي يراها في بيئتِه المدرسيةِ، ثم ناقشْه عن السببِ الذي دفعَه لاعتبارِ هذه الأخلاقِ سلبيةً، وتحدثْ معه عن طريقةِ التعاملِ معها.

📌 أخبرْ طفلَك أن يقومَ بكتابةِ كلِّ الأخلاقِ الإيجابيةِ التي يراها في بيئتِه المدرسيةِ، ثمَّ ناقشْه عنِ السببِ الذي دفعَه لاعتبارِ هذه الأخلاقِ إيجابيةً.

📌 حدثْ طفلَك عن مجموعةٍ من الأخلاقِ الحسنةِ، ثم اطلبْ منه أن يخبرَك عن ثلاثةِ أخلاقٍ حسنةٍ يمكنُ ممارستُها مع الوالدينِ داخلَ المنزلِ.

📌 لاحظْ الأخلاقَ السلبيةَ التي يُمارسُها طفلُك داخلَ المنزلِ، ثمَّ اطلبْ منه ممارسةَ عكسِها، ثمَّ ناقشْ معه النتائجَ التي اكتسبَها بعد ذلك.

حول محمد عمر الزنبعي

مؤسس ينابيع تربوية والمشرف العام

اترك تعليقاً