تعليم الطفل معنى العقل ووظيفته

فكرة ومفهوم 💬

العقلُ هو الأداةُ التي أستخدمُها في التفكيرِ والتعلمِ، وهو الذي ميزَ اللهُ الإنسانَ بهِ عن سائرِ المخلوقاتِ، فأنا أتعلمُ وأفكرُ حتى أفهمَ نفسي وما حولي، وأطورَ نفسي ومهاراتي، وأرفعَ منْ مستوى معرفتي وتعليمي.

إضاءات تربوية 💡

▪️ واحدةٌ من وسائلِ حمايةِ الطفلِ منَ التبعيةِ والتقليدِ هو تعريفهُ في وقتٍ مبكرٍ وظيفةَ العقلِ والتفكيرِ ليشعرَ بالاستقلاليةِ التي وهبها اللهُ له.

▪️ يقولُ المثلُ الصينيُّ الشهيرُ: (إذا أعطيتَ رجلاً سمكةً فسوف يأكلُ يوماً، وإذا علمتَه الصيدَ فسوف يأكلُ طيلةَ حياتِه). علمني التفكيرَ، لا تعطني فكرةً.

▪️ محوُ الأميةِ ليسَ محصوراً في عدمِ القدرةِ على القراءةِ والكتابةِ، فقد صارَ عدمُ التفكيرِ أو عدمُ القدرةِ عليه أميةً يعاني منها الكثيرون، فلتكنْ ضمنٌ أولوياتِنا التربويةِ.

▪️ التفكيرُ مهارةٌ أساسيةٌ حياتيةٌ، ويتطلبُ وقتاً لينجِزَ الطفلُ فيهِ شوطاً كبيراً، لذا منَ المهمِ البدءُ في وقتٍ مبكرٍ معهُ.

أدوار تربوية 👤

🔹 حفزْ طفلَك دائماً على التفكيرِ، واجعلْ لك معه نظاماً أنْ يفكرَ قبلَ أن تجيبَه عنْ أيةِ أسئلةٍ يطرحُها، وذلك ليتعودَ على التفكيرِ.

🔹 لا تتعاملْ مع طفلِك بعقليةِ فرعونَ (ما أُريكم إلا ما أرى)، فالتسلطُ على الطفلِ يزيلُ عن رأسه القدرةَ على التفكيرِ بشكلٍ سليمٍ.

🔹كنْ منطقياً في تعاملِك مع طفلِك، فلا تكنْ متناقضاً أو يطغى عليك التفكيرُ العاطفيُّ، فإنَّ ذلك يسهمُ – على المستوى البعيدِ – في إفسادِ عقليةِ الطفلِ وإبعادِها عنْ طرقِ التفكيرِ الصحيحِ.

🔹 يجبُ تجنبُ المبالغةِ في التفكيرِ المنطقيِّ حتى لا يطغى على بعضِ أنماطِ التفكيرِ العاطفيِّ الذي يوازنُ عمليةَ التفكيرِ لدى المتربي.

افعل ولا تفعل ☑️

✅ اطلبْ من طفلِك دائماً أنْ يفكرَ في كلِّ ما يُعرَضُ له أو يشاهدُه، وحينَ يستشكلُ عليهِ الأمرُ يسألُ والديه أو معلمَه في المدرسةِ.

❎ لا تُجِبْ مباشرةً عن كلِّ سؤالٍ يطرحُه لك طفلُك، اتركْ له مجالاً للتفكيرِ في تساؤلاتِه ثم وافِه بالإجابةِ بعد أنْ يُشْبِعَ السؤالَ تفكيراً.

✅ أشِعْ في المنزلٍ روحَ التعبيرِ، واتركِ الجميعَ يعبرونَ عما يدورُ في أذهانِهم، فهذا منْ شأنِه أنْ يوسعَ مداركَ التفكيرِ لديهم كثيراً.

❎ لا تمنعِ التفكيرَ حتى وإنُ نتجَ عنه أفكارٌ غيرُ صحيحةٍ، وعوضاً عن ذلك صحِّحِ الأفكارَ الناجمةَ عن أنماطِ التفكيرِ السلبيِّ أو غيرِ الصحيحِ.

إرشادات الفئات العمرية 📉

🔻 الطفولةُ المبكرةُ (3 – 6): في هذهِ المرحلةِ من حياةِ الطفلِ لا تكذبْ أمامَه ولا تكذبْ عليه، هل تستغربُ إن قلتُ لكَ أن الكذبَ يُفسدُ أنماطَ التفكيرِ السليمِ عند الطفلِ، وليس ثمة ما يمكنُ عملُه في هذا السنِّ إلا أن تقدمَ الحقيقةَ للطفلِ دون كذبٍ أو خداعٍ.

🔸 الطفولةُ المتوسطةُ (7 – 9): مرحلةُ الطفولةِ المتوسطةِ هي مرحلةُ الأسئلةِ التي لا تنتهي، استغلَّ هذا النهمَ لدى الطفلِ في طرحِ الأسئلةِ بتقديمِ إجاباتٍ نموذجيةٍ عن جميعِ الأسئلةِ، ذلك من شأنِه أن يرسمَ صوراً صحيحةً عن أنماطِ التفكيرِ لديهِ إذا كنتَ أنتَ – بصفتك مربياً – ملتزماً بمعاييرِ التفكيرِ السليمِ.

🔺 الطفولةُ المتأخرةُ (10 – 12): ادفعِ الطفلَ في هذه المرحلةِ العمريةِ للتفكيرِ أكثرَ فيما يجهلُ، وأرشده نحو القراءةِ والاطلاعِ حتى يكوِّن في ذهنِه مصادرَ معرفيةً تساعدُه على تطويرِ مهاراتِ التفكيرِ لديه.

الأهداف السلوكية 🎯

بعدَ هذا الدَّرسِ يتوجَّبُ على طفلكَ أنْ:

▫️ يتعرفَ على وظيفةِ العقلِ لدى الإنسانِ (معرفيٌّ)
▫️ يستجيبُ لوالديه حينَ يطلبا منه التفكيرٌ (وجدانيٌّ)
▫️ يمارسُ التفكيرَ عندما يُطلبُ منه (مهاريٌّ)

تفاصيل مهمة 🔻

1️⃣ التفكيرُ الحسيُّ – العمليُّ: معالجةُ الطفلِ للأشياءِ والتعرفُ عليها منْ خلالِ الحركةِ والأفعالِ الحسيةِ، وهو جزءٌ من النشاطِ الحركيِّ والحسيِّ للطفلِ. (من مرحلةِ الولادةِ إلى سنِّ الثالثةِ)

2️⃣ التفكيرُ الحسيُّ – الصوريُّ: يعتمدُ الطفلُ في التفكيرِ على ما يرى ويشاهدُ، فيستخدمُ البصرَ والأدواتَ الماديةَ للتفكيرِ، ولا يمكنهُ استيعابُ المفاهيمِ المجردةِ. (منْ سنِّ الثالثةِ إلى السادسةِ)

3️⃣ التفكيرُ المجردُ: التفكيرُ المجردُ هو القدرةُ على فهمِ المفاهيمِ والمعاني المجردةِ، أيِ التي لا يمكنُ تصورُّها، فمثلاً: مفهومُ الصدقِ والأمانةِ والتعاطفِ لا يفهمهُ الطفلُ تحتَ سنِّ السادسةِ لأنه لا يستطيعُ أنْ يشكَّلَ صورةً عنه في عقلهِ. (من السابعةِ إلى البلوغِ)

تربويات إسلامية 🕌

▫️ حثَّ القرآنُ الكريمُ على استعمالِ التفكيرِ في مواطنَ كثيرةٍ، وجاءَ الحثُّ في مفرداتٍ مختلفةٍ: كالتفكرِ والتأملِ، ومخاطبةِ أولي الألبابِ وغيرِها منَ النداءاتِ التي تجعلُ العقلَ مركزَ الخطابِ.

▫️ لم يحثَّ القرآنُ الكريمُ على التفكيرِ فحسبُ، بلُ حثَّ على استخدامِ العقلِ للوصولِ للحقِّ، قال تعالى: {أفَلَمۡ یَسِیرُوا۟ فِی ٱلأرۡضِ فَتَكُونَ لَهُمۡ قُلُوب یَعقلُونَ بِهَاۤ أو آذان يسمعون بِهَا}

▫️ حثَّ القرآنُ الكريمُ على التفكرِ في النفسِ {وفي أنفسكم أفلا تبصرون}، وحثَّ على التأملِ في الكونِ {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}

▫️ في السنةِ النبويةِ: عنْ عبدِاللهِ بنِ عمرَ رضي اللهُ عنهُ: أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: إنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لا يَسْقُطُ ورَقُهَا، وهي مَثَلُ المُسْلِمِ، حَدِّثُونِي ما هي؟ فَوَقَعَ النَّاسُ في شَجَرِ البَادِيَةِ، ووَقَعَ في نَفْسِي أنَّهَا النَّخْلَةُ، قَالَ عبدُ اللَّهِ: فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، أخْبِرْنَا بهَا؟ فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هي النَّخْلَةُ قَالَ عبدُ اللَّهِ: فَحَدَّثْتُ أبِي بما وقَعَ في نَفْسِي، فَقَالَ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ يَكونَ لي كَذَا وكَذَا. (صحيح البخاري)

تطبيقات تربوية ♨️

♦️ عندما يسألُك طفلُك عن سؤالٍ تكونُ إجابتهُ منْ خلالِ التأملِ والتفكرِ، لا تقدمْ له الإجابةَ مباشرةً، وإنما اطلبْ منه أن يفكرَ في الإجابةِ أولاً، ثم يقدمُ لك النتائجَ التي توصلَ إليها، ثم ناقشِ الطفلَ في النتائجِ التي توصلَ إليها حتى تصلَ معه إلى الإجابةِ الصحيحةِ.

♦️ استخدمِ الوسيلةَ الشعبيةَ الشائعةَ (طرحِ الألغازِ) فهي تنمي قدرةَ الطفلِ على التفكيرِ، ومنَ الجديرِ بالذكرِ أنه يجبُ أنْ يكونَ في الألغازِ تحدٍ حتى تحفزَ الطفلَ على التفكيرِ، وفي نفسِ الوقتِ ليست صعبةً جداً فتدفعُه للتوقفِ عنِ التفكيرِ.

التأكيدات الإيجابية 🗣

➕ ميزنا اللهُ بالعقلِ عنْ سائرِ المخلوقاتِ
➕ قبلَ أنْ تسألني فكرْ جيداً بالسؤالِ
➕ وفي أنفسِكم أفلا تبصرون؟
➕ فكرْ حتى وإنْ أخطأتَ

مشكلات تربوية ✖️

🔸 لا يستوعبُ الصغارُ المعنى الكليَّ لعمليةِ التفكيرِ، وقبل سنِّ المدرسةِ لا يعرفون ما يعني التفكيرُ بشكلِه الصحيحِ، وهذا أمرٌ لا بأسَ به، المهمُّ أن يتعودَ الصغارُ التفكيرَ منذُ الصغرِ.

🔸 من مشكلاتِ التفكيرِ لدى الصغيرِ أن الصغيرَ يحتفظُ بالروايةِ اﻷولى التيْ يسمعُها، ويصعبُ تغييرُها في ذهنهِ لاحقاً، ولذلكَ يُسمونَ الطفلَ بالصفحةِ البيضاءِ، فما يُنقشُ أولَ مرةٍ يصعبُ محوُه، وهذا في جزءٍ منهُ مشكلةٌ، وفي جزئه الآخرِ فرصةٌ لكتابةِ الفكرةِ الأولى عن كلِّ شيءٍ في ذهنِه.

دور المعلم 👨🏻‍🏫

🕯 المعلمُ معنيٌّ بغرسِ مهارةِ التفكيرِ لدى الطلابِ أكثرَ من غيرِه، ذلك أنه المسؤولُ الأولُ عن تعليمِهم، وبالتالي يجبُ أن يطوِّعَ دروسَه لتتضمنَ الكثيرَ من الأنشطةِ الذهنيةِ داخلَ الفصلِ.

🕯 افتتحْ دروسَك بالأسئلةِ الاستفهاميةِ التي تحفزُ الطلابَ على توليدِ الأفكارِ قبلَ بدءِ الشرحِ، وهذه الطريقةُ – رغم بساطتِها – إلا أنها مع الوقتِ تُؤتي ثماراً رائعةً، وتصنعُ أطفالاً يحبون أن يفكروا.

مصادر إضافية 📚

🏷 هكذا يفكرُ الصغارُ – عابدةُ المؤيد: قمنا بتلخيصِ هذا الكتابِ سابقاً، تجدُ ملخص الكتابِ كاملاً على قناةِ مجتمع ينابيع التربوي على الرابطِ التالي: (اضغط هنا)

🏷 علمْ طفلكَ كيف يفكرُ – طارقُ عبدِالرؤوف: قرأنا هذا الكتابَ في برنامج القراءة التربوي، يمكنكَ تنزيلُ الكتابِ وقراءةُ الاقتباساتِ المميزةِ منهُ (اضغط هنا)

🏷 كيف ندربُ أطفالَنا على حريةِ التعبيرِ – محمدُ نبيلٍ كاظم

🏷 لنعلمْ أطفالَنا حلاوةَ التفكيرِ – جون لانغرر

حول محمد عمر

مؤسس ينابيع تربوية والمشرف العام

اترك تعليقاً