تعليمُ الطفلِ الآدابَ والذوقياتِ

فكرة ومفهوم 💬

الذوقياتُ والآدابُ هي السلوكُ الاجتماعيُّ الذي نمارسُه مع أنفسِنا ومع الناسِ ومع الأشياءِ من حولنا، وهي التطبيقُ العمليُّ للأخلاقِ والقيمِ في حياتِنا، والآدابُ والذوقياتُ هي التي تجعلُني أنيقاً ومهذباً أمامَ نفسي والآخرينَ.

إضاءات تربوية 💡

▪️ لا يمكنُ – بأيِّ حالٍ منَ الأحوالِ – أنْ نربيَ طفلاً مراعياً للذوقياتِ والآدابٍ العامةِ ونحنُ لا نمارسُها معه، فلا يمارسُ الطفلُ أدباً لا يتعاملُ به الآخرونَ معه.

▪️ الذوقياتُ والآدابُ هي مرحلةٌ بعد مرحلةِ تأديبٍ الطفلِ وتعليمِه الأخلاقَ، أي أنها مرحلةٌ أرقى من مرحلةِ الثوابِ والعقابِ لغرسِ الأخلاقِ والقيمِ.

▪️ الأسرةُ التي تترصدُ لسلوكياتِ طفلِها لتلتقطَ أخطاءَه وهفواتِه وتبكتَّه عليها لن تجدَ وقتاً ولا فرصةً لتعليمِ الطفلِ الآدابَ والذوقياتِ الاجتماعيةِ.

▪️الطفلُ المهذبُ ليس بالضرورةِ أن يكونَ هادئاً، فالهدوءُ لا علاقةَ له بالأدبِ، فالطفلُ بطبيعتِه ليس هادئاً، فلا يصحُّ الخلطُ بين الأمرينِ.

أدوار تربوية 👤

🔘 أغلبُ الذوقياتِ والآدابِ الاجتماعيةِ هي سلوكياتٌ وممارساتٌ، فعلمْ طفلَك عملياً ممارستَها ولا تكتفِ بالنصائحِ والإرشاداتِ إلا في حدودِها.

🔘 لا تطلبْ من طفلِك أن يمارسَ أدباً لا تمارسُه أنتَ معه، فيشعرُ أنه يجبُ عليه ممارسةُ ذلك الأدبِ، وليسَ لغيرِه الحقُّ في ممارستِه معه.

🔘 ابدأ بتدريبِ طفلٍ على الآدابِ المرتبطةِ بالمنزلِ: كآدابِ الطعامِ، آدابِ قضاءِ الحاجةِ، آدابِ النومِ، آدابِ النظافةِ، آدابِ التعاملِ مع الوالدينِ.

🔘 علمْ طفلَك الآدابَ والذوقياتِ من خلالِ المواقفِ التي يحكيها مع زملائِه في المدرسةِ، وأرشدهُ إلى كيفَ يتصرفُ في مختلفِ الأحوالِ.

🔘 دربْ طفلَك على الذوقياتِ العامةِ مع الطفلِ نفسِه: كالنظافةِ الشخصيةِ، الملابسِ الأنيقةِ، تسريحةِ الشعرِ، طريقةِ تناولِه للطعامِ، طريقةِ كلامِه ومشيتِه، طريقةِ نومِه واستيقاظِه، واستخدامِ دورةِ المياهِ، وغيرِ ذلك من شؤونِه الخاصةِ.

🔘 دربْ طفلَك على الذوقياتِ العامةِ مع الناسِ: التحدثُ لهم باحترامٍ، استخدامُ كلماتٍ مؤدبةٍ عندَ التحيةِ والوداعِ والطلبِ وغيرِها، الترحيبُ بالضيوفِ، التعاملِ مع كبارِ السنِ، التعاملُ مع الأقاربِ، التعاملُ مع المعلمينَ، وغيرُها من فنونِ التعاملِ.

🔘 دربْ طفلَك على الذوقياتِ العامةِ مع الأشياءِ: التعاملُ مع الأشياءِ بهدوءٍ وحرصٍ (كإغلاقِ البابِ بهدوءٍ)، عدمُ التعدي على الأشياءِ، التعاملُ مع الحيواناتِ والنباتاتِ، التعاملُ مع الحقوقِ العامةِ في الشارعِ العامِ، وغيرُ ذلكَ.

افعل ولا تفعل ☑️

✅ مارسِ السلوكياتِ مع طفلِك أو أمامَه
❎ لا تزجرْ طفلَك إذا قصرَّ أو نسيَ أداءَ الأدبِ
✅ أخبرْ طفلَك أنَّ الأدبَ جزءٌ من شخصيتِه
❎ لا تعلمْ الطفلَ الذوقياتِ قبلَ الأخلاقِ

إرشادات الفئات العمرية 📉

🔻 الطفولةُ المبكرةُ (3 – 6): في مرحلةِ الطفولةِ المبكرةِ لا يوجدُ الكثيرُ من الآدابِ التي يلتزمُ بها الطفلُ، ولكنْ يتمُْ تعليمُه بشكلٍ بسيطٍ: آدابَ تناولِ الطعامِ، آدابَ السترِ واللباسِ، استخدامَ دورةِ المياهِ، عدمَ التلفظِ بالكلماتِ السيئةِ، عدمَ استخدامِ البكاءِ كوسيلةٍ للضغطِ من أجلِ تلبيةِ متطلباتِه.

🔸 الطفولةُ المتوسطةُ (7 – 9): لا يستطيعُ الطفلُ تطبيقَ الآدابِ والذوقياتِ في مرحلةِ الطفولةِ المتوسطةِ من خلالِ الإرشاداتِ، بل يجبُ أن يتمَّ تعليمُه أغلبَ الذوقياتِ عملياً داخلَ المنزلِ وخارجَه، معَ الانتباهِ إلى الاعتناءِ بالآدابِ الشخصيةِ في المنزلِ، وعدمِ المبالغةِ في تعليمِه الآدابَ والذوقياتِ خارجَه، فلا يزالُ أمامَه الكثيرُ منها عندما يكبرُ سنُّه.

🔺 الطفولةُ المتأخرةُ (10 – 12): في مرحلةِ الطفولةِ المتأخرةِ لا بدَّ أن يتعلمَ الطفلُ أغلبَ السلوكياتِ المتعلقةِ بأساسياتِ التعاملِ معَ الآخرينَ، ويتمَّ التركيزُ في هذهِ المرحلةِ على الجانبِ الاجتماعيِّ لأنَّ الطفلَ في هذا السنِّ يندمجُ اجتماعياً بشكلٍ أكبر، ويكونُ في هذا السنِّ قد تعلمَ الآدابَ والذوقياتِ الشخصيةِ.

مصادر إضافية 📚

🏷 راجعْ موضوعَ تعليمِ الأطفالِ الأخلاقَ والقيمَ

🏷 كتابُ ذوقياتٍ – خالدِ المنيف

🏷 كتابُ الشمائلِ المحمديةِ – الترمذيِّ

🏷 كتابُ حصنِ المسلمِ – سعيدٍ القحطانيِّ

الأهداف السلوكية 🎯

بعدَ هذا الدَّرسِ يتوجَّبُ على طفلكَ أنْ:
▫️يذكرَ ما لا يقلُّ عن ثلاثةِ أخلاقٍ حسنةٍ في بيئتِه (معرفيٌّ)
▫️يذكرَ ما لا يقلُّ عن ثلاثةِ أخلاقٍ سيئةٍ في بيئتِه (معرفيٌّ)
▫️ يهاجمَ السلوكياتِ السيئةَ التي يراها في محيطِه (وجدانيٌّ)
▫️ يمارسَ أبرزَ السلوكياتِ الحسنةِ داخلَ أسرتِه (مهاريٌّ)

ملحق المنشور 🔗

نقدم جميع دروس نماء بأشكال مختلفة، يمكنك أن تجد الموضوع على شكل صور يمكنك نشرها على الحالة أو مجموعات الواتس أو الفيس، الدرس كاملاً في ملف pdf، وعلى رابط استعراض فوري وعلى موقعنا الإلكتروني، تجدها في الروابط التالي:

نبذة موجزة 🔻

🚦 أنواعُ الذوقياتِ والأدبِ ثلاثةٌ: أدبٌ مع الذاتِ، وأدبٌ مع الناسِ، وأدبٌ مع الأشياءِ، وكلُّها تتكاملُ فيما بينها، فلا يصحُّ إتيانُ بعضِها وتركُ الآخِر.

🚦 الفرقُ بين الأخلاقِ والآدابِ أنَّ الأخلاقَ قيمٌ ومبادئُ عامةٌ، بينما الآدابُ سلوكياتٌ اجتماعيةٌ، وهي التطبيقُ التفصيليُْ للأخلاقِ.

🚦 تعتبرُ الأخلاقُ هي المحركُ الأساسُ للآدابِ والذوقياتِ، والضمانُ أنَّ الطفلَ قد فهمَ القيمَ والأخلاقَ المطلوبةَ ومارسَها بشكلٍ صحيحٍ.

🚦 حينما تقولُ لطفلِك “قلِ الصدقَ” – مثلاً – فأنتَ تغرسُ فيه خلقاً وقيمةً، وحينَ تقولُ له “قلْ شكراً حينَ يعطيك أحدُهم شيئاً” فأنتَ تعلّمُه الذوقياتِ.

تربويات إسلامية 🕌

🟩 قالَ تعالى موصياً أصحابَ نبيه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ)، وحياءُ النبيِّ صلى اللهُ عليه وآله وصحبه وسلمَ أنْ يطلبَ من ضيوفِه مغادرةَ منزلِه من أعظمِ مظاهرِ الذوقياتِ والآدابِ العامةِ.

🟩 ومن أدبِه الجمِّ عليه الصلاةُ والسلامُ أنَّ عثمانَ بنَ عفانٍ رضي اللهُ عنه ذاتَ مرةٍ استأذنَ للدخولِ عليه وكانت معهُ أمُّ المؤمنين عائشةُ رضيَ اللهُ عنها، فسترَ النبيُّ ساقَه، فقد كانتْ مكشوفةً، وأذنَ لعثمانَ بالدخولِ، فلما ذهبَ، قالت عائشةُ لنبينا: لماذا سترتَ ساقيك عند دخولِ عثمانَ؟ فقال: «ألا أستحي من رجلٍ تستحي منه الملائكةُ» رواه ابنُ عمرَ مرفوعاً.

تطبيقات تربوية ♨️

♦️ سيتمُّ توضيحُ التطبيقاتِ التربويةِ لكل أدبٍ على حدة، ولكن بشكلٍ عامٍّ، يتوجبُ أن يقومَ المربي – سواءً كان أباً أو أماً – باستغلالِ مختلفِ المواقفِ داخلَ الأسرةِ أو في المناسباتِ الاجتماعيةِ في تعليمِ الطفلِ آدابَ وذوقياتِ التعاملِ.

♦️ في المنزلِ اصنعْ نظاماً للأشياءِ التاليةِ: آدابُ تناولِ الطعامِ، آدابُ التعاملِ مع الوالدينِ، آدابُ استخدامِ دورةِ المياهِ، آدابُ النومِ والاستيقاظِ، آدابُ دخولِ المنزلِ والخروجِ منه، آدابُ استقبالِ الضيوفِ، وغيرُها.

♦️ في المسجدِ أو السوقِ دربْ طفلَك عندما تصحبُه على سلوكِه داخلَ المسجدِ، كالتزامِ الهدوءِ، وعدمِ قطعِ صلاةِ الآخرينَ، وحملِ المصحفِ بوقارٍ، وغيرها. وفي السوقِ يتعلمُ كيف يتناولُ المنتجاتِ التي يراها، كيف يدفعُ الحسابَ ويتعاملُ معَ البائعِ، وكيف يطلبُ سلعةً أو يسألُ عنها، وغيرَ ذلك منَ الآدابِ.

♦️ في التعاملِ مع الآخرينَ هناك الكثيرُ من الآدابِ والذوقياتِ، فيتمُّ تدريبُه في كلِّ مناسبةٍ اجتماعيةٍ كيف يتعاملُ مع الناسِ: كالتعاملِ مع كبارَ السنِّ، التعاملِ مع المعلمين، التعاملِ مع الأقرباءِ والأرحامِ، التعاملِ مع الوالدينِ والجدِّ والجدةِ، التعاملِ معَ الفقراءِ والمساكين، وكيف يتصرفُ في الشارعِ، وغيرِ ذلك.

⛔️ سيتمُّ تفصيلُ كلِّ أدبٍ وذوقٍ في درسٍ منفصلٍ إن شاء اللهُ.

التأكيدات الإيجابية 🗣

➕ أنا أحترمُ ذاتي، سأحترمُ الآخرين
➕ الآخرونَ يستحقونَ تقديري لهم
➕ أتعاملُ بأدبٍ وذوقٍ في كلِّ الأوقاتِ
➕ الغضبُ والضجرُ لا يغيرانِ سلوكي

مشكلات تربوية ✖️

🔍 أبرزُ مشكلاتِ الآدابِ والذوقياتِ مع الأطفالِ أنهم لا يرونَ أنَّه يلزمُ من ممارسةِ هذه الآدابِ بشكلٍ دائم، وبالتالي يخفقون كثيراً في الالتزامِ بها في حياتِهم، وهذا أمرٌ لا بأسَ به، لأنَّ الالتزامَ الكاملَ للآدابِ والذوقياتِ لا يكونُ إلا عندما يبلغُ الطفلَ سنَّ الرشدِ، وهذا يكونُ بعد البلوغِ بأعوامٍ.

🔍 يتركُ الطفلُ الالتزامَ بالآدابِ والذوقياتِ حينما يعتريه شعورٌ بالغضبِ أو الضجرِ أو المللِ أو البكاءِ، ويضعُ كل ما تعلمَه وراءَ ظهرِه، وهذا في جزءً منه مقبولٌ، ولكن يجبُ أن يتدربَ الطفلُ على أنَّ الالتزامَ بالآدابِ ملزمٌ في أغلبِ الأوقاتِ، وأنَّ المشاعرَ السلبيةَ التي تعتري الطفلَ ليستْ مبرراً للتخلي عن الآدابِ والذوقياتِ.

🔍 دائماً ما يواجه الطفلُ مشكلةَ الانفصامِ بين ما تعلمَه وتدربَ عليه من الآدابِ والذوقياتِ، وبين ما يجدُه على أرضِ الواقعِ في المدرسةِ ومع زملائِه وجيرانِه ومختلفِ الناسِ، فيضعفُ لديه الدافعُ للالتزامِ بهذه الآدابِ، ومن هنا يأتي وجوبُ ربطِ الآدابِ بشخصيةِ الطفلِ وأنها مرتبطةٌ بذاتِه وليسَ بالآخرينَ.

🔍 يشعرُ الطفلُ أحياناً أنه لا يتوجبُ عليه الالتزامُ التامُّ بأدبٍ معينٍ، فقد يمارسُه بشكلٍ جزئيٍّ أو يتركُ ممارستَه، وفي مثلِ بعضِ الحالاتِ علينا أن نقبلَ بمثلِ هذا الأمرِ وألا نبالغَ في أن يلتزمَ الطفلُ بكلِّ أدبٍ في كلِّ وقتٍ، فيجبُ مراعاةُ الطفلِ في ذلك حتى لا نخلقَ نفوراً بينه وبينَ الآدابِ التي نعلمُها إياه، ويكونَ منطلقُه في الالتزامِ بها بدافعٍ شخصيٍّ داخليٍّ وليسَ بدافعٍ اجتماعيٍّ خارجيٍّ.

دور المعلم 👨🏻‍🏫

📍 يحرصُ المعلمُ على ممارسةِ وتطبيقِ الآدابِ والذوقياتِ التي يتاحُ للطفلِ القيامُ بها داخلَ المدرسةِ، ومنها: آدابُ التعاملِ مع المعلمينَ، آدابُ التعاملِ مع الطلابِ فيما بينهم، ويركزُ على الآدابِ المرتبطةِ بالسلوكياتِ النافرةِ بين الطلابِ.

📍 يمكنُ للمعلمِ أن يدربَ الطلابَ على آدابِ وذوقياتِ السلوكِ الشخصيِّ في المنزلِ، بحيثُ ينقلُ صورةً حسنةً عن المدرسةِ التي يدرسُ فيها، وذلك لأنَّ التغيرَ في سلوكِ الطفلِ داخلَ المنزلِ سيجعلهم ينظرون للمدرسةِ بشكلٍ إيجابيٍّ.

📍 في جميعِ المناهجِ التعليميةِ الكثيرُ منَ الدروسِ المتعلقةِ بالآدابِ والذوقياتِ، ويمكنُ للمعلمِ أن يبتكرَ منها أنشطةً حركيةً أو عملاً مسرحياً أو مشهداً يتمُّ عرضُه في الإذاعةِ المدرسيةِ.

مهمة الطفل 🗓

مهمةُ الطفلِ المطلوبةُ في جميعِ الآدابِ والذوقياتِ – التي سيتمُّ عرضُها في دروسٍ منفصلةٍ – أنْ يمارسَ الأدبَ ويطبقَه في حياتِه، سواءً الآدابُ المرتبطةُ بسلوكِه الشخصيِّ وذاتِه، أو تلك المرتبطةُ بالتعاملِ مع الأشياءِ، أو تلك المتعلقةُ بالتعاملِ معَ الآخرينَ خارجَ المنزلِ.

حول محمد عمر الزنبعي

مؤسس ينابيع تربوية والمشرف العام

اترك تعليقاً