يقرأ المراهق في المناهج الدراسية وفي غيرها عن النظافة واللياقة والصدق والاستقامة وحسن التدبير وغيرها من الفضائل، ويتجاوب مع ما يقرأ عقلياً وعاطفياً، ومن ثم فإنه يكون حاداً في نقده للتصرفات والمواقف التي تخرج على ما يعده فضيلة.
أحد الفتيان كان جالساً إلى مائدة الطعام مع أهله، فتغيرت ملامح وجهه وظهر عليه الانزعاج الشديد، واستغرب الأب من ذلك لأنه لم يرى شيئاً غير طبيعي، وحين سأل ابنه عن سبب انزعاجه، قال: إن أخاه الأكبر بأكل بسرعة، وهذا ينافي آداب الطعام !!
فتاة رفعت صوتها على أمها لأنها استقبلت إحدى صديقاتها بثياب المطبخ، وهذا يعتبر خروجاً على آداب استقبال الضيوف !!
لا يستطيع المراهق أن يرى الفجوة التي تفصل بين النظرية والتطبيق، فهو لا يعرف مدولات الكلمات على نحو دقيق، ولا يعرف الواقع الاجتماعي للكلمات، كما لا يعرف الظروف والاعتبارات التي تحمل الناس حملاً على أن يقفوا بعض الموقف ويسلكوا بعض السلوكيات التي لا تتفق بشكل حرفي أو جيد مع ما هو موجود في الكتب والأدبيات والأخلاق.
المراهق يميل إلى الشعور بالشديد بالخطر، فهو يظن أنه إذا أخفق في مقابلة أو ظهر بمظهر غير لائق في موقف معين أو تكلم بكلمة غير مناسبة مع أحد الناس، فإن ذلك يضع كل شيء على حافة الانهيار، وذلك لأنه يمنح الأشياء أهمية مطلقة ولأنه لا يستطيع أن يرى الأشياء على أنها جزء من منظومات كبيرة فترتفع نسبة أهميتها لديه.
إن عدم نضج الجانب العقلي والشعوري لدى المراهق بشكل كافٍ هو الذي يولد في نفسه هذا القدر الكبير من المثالية، على أن مثالية المراهق لا تخلو من فائدة لأنها تنبه الأسرة والمجتمع إلى الكثير من الأخطاء السائدة.
📖 ملخص الفقرة ص١٧ وما بعدها من كتاب (المراهق: كيف نفهمه وكيف ونوجهه) للدكتور: عبدالكريم بكار